أثارت استطلاعات الرأي التي أجراها مركز الدراسات الاجتماعية CIS إنذارات. في قصر لا مونكلوا، يقللون من أهمية البيانات ولكنهم يستعدون لخطابات إيجابية.
تقديم :
المقال الذي بين أيدينا يعود للصحفي ” كارلوس إ . كويي ” الذي نشره أمس 22/09/2024 بجريدة “الباييس” الإسبانية يظهر فيه أن الهجرة أصبحت تحتل موضوعًا رئيسيًا في إسبانيا، على الرغم من أن هذه القضية لم تكن أبدا محورية في النقاش السياسي الإسباني كما هو عليه الأمر في دول أوروبية أخرى.
وحسب رأيه فإن نتائج الاستطلاع الذي قام به مركز الدراسات الاجتماعية – CIS – هذا الأسبوع، صنف الهجرة بوصفها أول مشكلة تواجه الإسبان، مما أثار العديد من المخاوف وقلق الحكومة الإسبانية إلا أن هذه الأخيرة تحاول الرد بخطابات إيجابية للتصدي لخطاب اليمين المتطرف حول الهجرة. ويرى كاتب المقال أن هناك تناقضا بين الخطابات السياسية التي تروج لمناهضة الهجرة وبين الواقع الاقتصادي حيث رجال الأعمال يطالبون بتسهيل وصول المهاجرين لسد نقص اليد العاملة مما يعني أن إسبانيا بحاجة إلى المهاجرين لدعم نموها الاقتصادي، وتعتبر الهجرة ضرورية لتوفير القوى العاملة في العديد من القطاعات.
المقال :
22/09/2024 – El Pais.
تبدأ الجزيرة الإسبانية – جزر الكناري – في التصدع بفعل عدوى المرض الأوروبي الكبير: امتداد الحركة المناهضة للهجرة. في السنوات الأخيرة، عند الحديث مع بعض القادة الأوروبيين، كانوا يعبرون عن دهشتهم لأن الهجرة لم تكن موضوعًا مركزيًا في النقاش السياسي في إسبانيا، على عكس ما يحدث في جميع دولهم تقريبًا. فرنسا، إيطاليا، ألمانيا، المملكة المتحدة، جميع الدول الكبرى وحتى الصغرى، بما في ذلك الدول الاسكندنافية الثرية، اجتاحها هذا النقاش الذي يلتهم المبادئ الأوروبية، ويؤدي إلى أن تعيد دولة مؤسسة ومحورية مثل ألمانيا، ذات الحكومة الاشتراكية الديمقراطية، فرض ضوابط على حدودها استجابة لضغط اليمين المتطرف. لكن إسبانيا والبرتغال، دائمًا على وتيرتهما الخاصة، بدا أنهما غير معنيتين بهذا الأمر، أو على الأقل بعيدتين عنه كثيرًا.
أثار استطلاع الرأي الذي أجراه مركز الدراسات الاجتماعية – CIS – هذا الأسبوع، حيث تم تصنيف الهجرة بوصفها أول مشكلة، العديد من الإنذارات. في قصر لا مونكلوا، يقوم – المسؤولون – بفحص البيانات بعناية، ويستنتجون أن هذا الظاهرة ذات طبيعة إعلامية وسياسية إلى حد كبير، حيث تشجعها صور وصول القوارب إلى جزر الكناري، والجدل السياسي حول القاصرين، ورفض الحزب الشعبي (PP) إصلاح قانون الهجرة الذي كان سيسمح بتوزيعهم في جميع أنحاء إسبانيا، – بالإضافة – إلى خطاب حزب فوكس. تشير البيانات الأساسية إلى أن إسبانيا ما زالت بعيدة جدًا عن الأرقام الأوروبية فيما يتعلق برفض الهجرة، وأن المواطنين الذين يسألهم هذا المركز – CIS – يغيرون إجاباتهم جذريًا عندما يريد المستطلع معرفة ما هي المشكلة التي تؤثر عليهم بشكل مباشر في حياتهم. عند هذه النقطة، تتراجع أهمية الهجرة بنسبة خمس نقاط فجأة.
لكن القضية تثير قلق الحزب الاشتراكي الإسباني (PSOE) وحزب سومار SUMAR، الذي يضغط أيضًا للخروج بخطاب قوي لمواجهة “الرائحة العنصرية” التي يراها – هذا الحزبان اليساريان – في بعض رسائل المعارضة (اليمينية واليمينية المتطرفة). لدى بيدرو سانشيز خطاب خاص حول الهجرة في الكونغرس في أكتوبر- المقبل -، بناءً على طلب الحزب الشعبي، والذي سيكون اللحظة المثالية لطرح خطاب إيجابي حول الهجرة، الذي كان يختبره في الجلسات الأخيرة، حسب مصادر حكومية. في – قصر – لا مونكلوا، يقتنع – المسؤولون الحاكمون – بأن إسبانيا ما زالت مختلفة، لكنهم أيضًا يدركون أن عليهم خوض هذه المعركة الثقافية لمنع انتشار فكرة أن الهجرة أمر سلبي. يركز الجهد الأكبر على التمييز بين الأزمة الإنسانية التي تشهدها جزر الكناري، حيث تصل الآلاف من الأشخاص اليائسين إلى شواطئها، وبين الظاهرة الكبيرة للهجرة، التي تعتبر ضرورية لبلد مثل إسبانيا الذي يشهد نموًا كبيرًا ويحتاج إلى عشرات الآلاف من العمال.
أعرب العديد من أعضاء الحكومة الذين تمت استشارتهم عن حيرتهم بسبب الفجوة بين واقع الاقتصاد وبعض الخطابات السياسية. ففي الوقت الذي “يطالبنا رجال الأعمال بتسهيل وصول المزيد من المهاجرين لأنهم بحاجة إلى مزيد من القوى العاملة لأن الاقتصاد يسير بشكل جيد جدًا. في كل مكان هناك نقص في العمال”، يقول أحدهم؛ نجد “نفس رؤساء الأقاليم الذين يلقون خطبًا متشددة حول الهجرة، – ثم – يطلبون منا بعد ذلك تسهيل تسوية أو وصول المزيد من المهاجرين لأن رجال الأعمال في مناطقهم يطالبون بذلك. هناك نفاق هائل. وصول المهاجرين هو دليل على النجاح الاقتصادي الإسباني، وسنحتاج إلى الكثير منهم لأننا مستمرون في النمو”، يلخص الأمر – مسؤول – آخر.
وزير السياسة الإقليمية نفسه، أنخيل فيكطور طوريس Ángel Víctor Torres، الذي كان رئيسًا لحكومة جزر الكناري وعاش أزمات مشابهة مثل الأزمة الحالية، شكك في بيانات هذا المركز – CIS – يوم الجمعة وقال : “الكثير من هؤلاء الذين يشعرون بالقلق بشأن الهجرة قلقون أيضًا بشأن احترام حقوق الإنسان للمهاجرين”. أي أن ليس الجميع يجيبون بشكل سلبي. في محيطه – محيط الحكومة المركزية – يشير – الحاكمون – إلى أنه لا ينبغي أن ننجرف بسبب نتيجة سيئة من هذا المركز – CIS – لأن الهجرة لم تكن مدرجة بين المشكلات الرئيسية حتى بدأت المعركة السياسية حول القاصرين. وبالطريقة نفسها التي ظهرت بها القضية، يمكن أن تختفي – أيضا – عندما تتوقف القوارب والقاصرون عن أن يكونوا في نشرات الأخبار اليومية. في عام 2006، خلال أزمة القوارب السابقة، عندما كانت بيانات من هذا المركز – CIS – حول الهجرة أسوأ مما هي عليه الآن، كان يُتوقع أن الحزب الاشتراكي في جزر الكناري سيسقط سياسيًا بسبب الهجرة، ولكن هذا لم يحدث، لأن هناك أيضًا الملايين من المواطنين الذين يقدرون الإدارة الحكيمة للمشكلة ولا يتحملون الخطابات العنصرية.
في الحقيقة، في – قصر – لا مونكلوا، يعتقد – المسؤولون – أن – زعيم الحزب الشعبي المعارض – ألبرتو نونيز فيخو، الذي جعل من هذا الموضوع أولوية، وسافر إلى روما من أجل لقاء اليمينية المتطرفة جيورجيا ميلوني Giorgia Meloni، التي كان يتجنبها من قبل، “دون استراتيجية، يترنح”، ويخاطر كثيرًا بموضوع يقربه من “حزب بوكس” وقد ينشط مرة أخرى التعبئة ضد هذا التحالف، كما حدث في يوليو 2023. “هذه معركة عصرنا، ضد خطاب اليمين المتطرف. والحزب الشعبي، بتبنيه لخطاب بوكس، يعززهم – أي يعزز اليمين المتطرف – ، كما يظهر في بيانات هذا المركز – CIS – . يخطئ الحزب الشعبي كثيرًا في استراتيجيته بتقليد “بوكس”. المشكلة الرئيسية بالنسبة للإسبان هي الإسكان، وهذه قضية مؤقتة. الحزب الشعبي يواصل استراتيجية قصيرة المدى بينما الولاية التشريعية طويلة”، يلخص – المسؤولون – المحيطون بالرئيس.
ويشير أحد أعضاء الحكومة أن “اليمين فقد موقعه الطبيعي في مواجهة اليسار، وهو الاقتصاد” بينما “تشير الاستطلاعات إلى تغيير جذري في هذا: على عكس ما كان يحدث قبل سنوات، يفضل المواطنون الآن اليسار في الإدارة الاقتصادية، التي كانت الورقة الرابحة الكبرى لليمين تاريخيًا. لهذا السبب هم يبحثون – أي اليمين – عن قضايا بجنون. يحاولون مع العفو، – خلق قطيعة – بين إسبانيا وفنزويلا، والآن يتمسكون بالهجرة. الحزب الشعبي ضائع جدًا”، يختم المسؤول نفسه.