خلفت المصادقة على مشروع قانون إدارة الأموال الأوروبية الأيام الماضية وما تبعه من جدال كبير مازال يتردد صداه في البرلمان الإسباني إلى الآن بين المعارضة بزعامة بابلوكاسادو الأمين العام للحزب الشعبي وحلفائه من يمين الوسط والراديكاليين الكاطالونيين وبين رئيس الحكومة بيدرو سانشيز.
الخلاف لم يقتصر فقط على التصويت بالمصادقة على مشروع قانون إدارة الأموال الأوروبية بل تعداه أيضا إلى طلب المعارضة الاطلاع على التقريرالذي أعده مجلس الدولة حول مشروع هذا القانون وهو حسب تصريحات هذه المعارضة تقريرسلبي.
بوكس الحزب اليميني المتطرف ينقد الحكومة في آخر لحظة بالآمتناع عن التصويت:
الخريطة البرلمانية للأحزاب السياسية الإسبانية أصابها زلزال شديد هذه المرة بعد أن صوت الانفصاليون الكاطالونيون بجميع أطيافهم مع أحزاب اليمين ضد مشروع قانون إدارة الأموال الأوروبية بعد أن كان هؤلاء على الأقل يمتنعون عن التصويت لتمرر الحكومة مشاريعها؛وهو موقف يعتبر متقدما لدعم بيدرو سانشيز ضد أحزاب اليمين واليمين المتطرف.
لكن هذه المرة اختلف الموقف وجعل الكاطالونيين يصوتون ضد هذا المشروع على الرغم من فوائده الإيجابية على الشركات الصغرى ورجال الأعمال والتجار بسبب التنافس الحاد الذي كان بينهم وبين الاشتراكيين للفوز بمقاعد برلمان كاطالونيا في انتخابات 14 من فبرايرالماضية.
لذلك وجد بيدرو سانشيز نفسه يواجه لأول مرة ائتلافا غير متوقع بين الكاطالونيين وأحزاب اليمين مما جعل حكومته في مأزق وهي تعتقد أن الكونغريس سيلغي أهم مرسوم في ولايتها،وهو مرسوم مشروع قانون إدارة الأموال الأوروبية،المرسوم نفسه الذي أسقط الحكومة في إيطاليا المجاورة.
وخلافا لكل التوقعات والسيناريوهات المسلمة امتنع حزب بوكس عن التصويت ضد مشروع هذا القانون؛وبذلك أنقذ الحكومة الائتلافية من تمريرهذا القانون بمصادقة الكونغريس عليه والموافقة على معاملته بوصفه مشروع قانون،بحيث يمكن للفرق البرلمانية اقتراح التغييرات عليه.
وبفضل هذا الامتناع تمكنت الحكومة الائتلافية اليسارية إلى جانب حلفائها من ألأحزاب القومية الباسكية وبعض الأحزاب التقدمية الصغيرة من الحصول على 173 صوتا مقابل معارضة كل من الحزب الشعبي وسيودادانوس وباقي الأحزاب القومية الكاطالونية وبعض الأحزاب الصغرى والتي كان بإمكانها إسقاط هذا المرسوم لولا امتناع حزب بوكس عن التصويت في آخر لحظة.
تبريرات التصويت على مشروع قانون إدارة الأموال الأوروبية :
تبريرات المعارضة :
يمكن إجمال التبرير بالتصويت ضد هذا المشروع في رأي المعارضة في النقط الآتية:
ـ التكتم والافتقار إلى الشفافية وتركيز المخاطر بالنسبة إلى قرارات الحكومة؛
ـ القطاعات الاقتصادية المتضررة مثل الفنادق والمطاعم والشركات الصغيرة والمتوسطة تحتاج إلى 50 ألف مليون يورو كمساعدات وليس إلى 11 ألف مليون يورو كما تطرح الحكومة؛
ـ القطاعات الاقتصادية المذكورة أعلاه تحتاج إلى مساعدات مباشرة وليس إلى قروض؛
ـ خطة التعافي لم تكن معروفة لدى الحكومة حتى الآن ناهيك عن المعايير والشروط الواجب توفرها لدى المستفيدين من هذه المساعدات؛
ـ استبعاد الأحزاب السياسية من المشاركة في مشروع قانون إدارة الأموال الأوروبية على الرغم من أن هذا الأمر يجري النظر فيه من قبل المفوضبة الأوروبية.
تبريرات الحكومة والمتحالفون معها:
ـ التزام الحكومة بالشفافية والرقابة لمراقبة هذه الأموال ؛
ـ التزام الحكومة بتنفيذ المشاريع وبالزيادة في تمويل ميزانية البلديات؛
ـ الالتزام بتسريع الإجراءات وتبسيط المساطر لوصول هذه الأموال إلى مستحقيها في أقرب وقت ممكن؛
ـ تخصيص 50 مليون يورو لتمويل مشروع تجريبي لمساعدة الشركات على تقليل ساعات العمل؛
ـ الالتزام بالتوصيات العامة التي توجه برنامج الاستثمار والإصلاح الذي يمثل خطة التحفيز الإسبانية المقدمة لدى المفوضية الأوروبية التي من أهم توصياتها:
ـ “تحسين وتقوية” نظام التقاعد ؛
ـ تحديث أنظمة إعادة التوزيع ؛
ـ تحسين سياسات التعليم والتدريب المهني والعلمي ؛
ـ الحد من البطالة الهيكلية والشبابية ؛
ـ زيادة حجم الشركات ؛
ـ الحوار والتواصل الفعال مع الحكومات الجهوية المستقلة؛
ـ اعتبار المصادقة على مشروع قانون إدارة الأموال الأوروبية بوصفه مشروع قانون بحيث يمكن للفرق البرلمانية اقتراح التغييرات التي تراها مناسبة.
وهكذا طالبت النائبة الأولى للرئيس كارمن كالفو ب«تحويل السلبيات» للوباء «إلى فرصة عظيمة للتحديث» وقالت في هذا الصدد:”كان هناك الكثيرمن القضايا المعلقة التي لم نتخيل أبدًا أننا سنكون قادرين على حلها قريبًا”،وأكدت أن المرسوم “ليس هو الذي يقرر الأهداف أو موارد”الأموال الأوروبية” لكنه الأداة التي تجعل من الممكن تحقيق الأموال “.
الحكومة تخصص 11مليار يورو من المساعدات المباشرة من الأموال الأوروبية لدعم اقتصادها:
أوضحت نائبة رئيس الشؤون الاقتصادية نادية كالفينو خلال المؤتمر الصحفي التي عقدته مع وزيرة المالية خيسوس مونطيرو بعد انعقاد المجلس الوزاري الاستثنائي يوم الجمعة 12 مارس الماضي أن أموال المساعدات الأوروبية ستذهب إلى القطاعات المتضررة مثل السياحة والفنادق والمطاعم أو التجارة أو الأنشطة المتعلقة بالثقافة والرياضة،والتي عانت من تأثير فيروس كورونا.
وأكدت أن الحكومات الجهوية المستقلة ستكون مسؤولة عن إدارة 7 مليارات من اليورو من المساعدات المباشرة للشركات الصغيرة والمتوسطة والعاملين لحسابهم الخاص بعد الموافقة عليها من قبل الحكومة المركزية وبعد عملية التحويل التي ستستغرق 40 يوما.
وإجمالا يمكن أن نلخص أهم النقط المتمحورة حول توزيع هذه الأموال الأوروبية في جزئها الأول في الأمور الآتية :
ـ ستتلقى الشركات ما يصل إلى 200 ألف يورو كمساعدة إذا لم تغلق نشاطها قبل يونيو 2022 ؛
ـ يمكن للشركات الاستفادة من المساعدات المالية إذا أثبتت للسلطات الضريبية أنها فقدت 30٪ على الأقل من دخلها العام الماضي بسبب فيروس كورونا ؛
ـ ستكون الأموال متاحة فقط في نهاية أبريل القادم على أقرب تقدير ويمكن أن تتأخر أكثر اعتمادًا على تدابيرالحكومات الجهوية المستقلة ؛
ـ ستتلقى جزر الكناري وجزرالبليار 2000 من 7000 مليون يورو الموزعة على الحكومات الجهوية المستقلة والتي ستوزع بدورها المبالغ المتبقية وفقًا للناتج المحلي الإجمالي والتوظيف؛
ـ ستغطي أموال هذه المساعدات ما يصل إلى 40٪ من الانخفاض في الدخل للشركات الصغيرة والعاملين لحسابهم الخاص (حتى 10 موظفين) و 20٪ بالنسبة إلى بقية الأعمال مع مبلغ ثابت قدره 3000 يورو بالنسبة إلى العاملين لحسابهم الخاص؛
ـ ستوزع هذه المساعدات المباشرة على الشركات التي فقدت ما لا يقل عن 30٪ من دخلها في عام 2020 مقارنة بعام 2019 من أجل تغطية التكاليف الثابتة التي لم يتم دفعها بين مارس من العام الماضي ونهاية 2021 المتعلقة بمدفوعات الموردين والإمدادات (مثل الكهرباء والماء) والرواتب والإيجارات أو تخفيض الديون المالية.
ويمكن أن تحدد الحكومات المحلية والجهوية معايير إضافية لتلقي هذه المساعدات.
ـ على الشركات المستفيدة من هذه المساعدات أن لاتكون قد توقفت عن نشاطها وقت تقديم الطلب كما يجب أن تسوي وضعيتها الضريبية مع وزارة المالية وكذلك مع الضمان الاجتماعي مما يعني عمليا الحفاظ على معظم الوظائف في الشركة؛
الجزء الثاني من هذه المساعدات المالية سيخصص لإعادة هيكلة القروض المصرفية للشركات التي تضمنهامؤسسة ICO بناءً على تحليل كل شركة من قبل الكيانات المالية بمعنى تحويل القرض إلى قرض مشارك وفق معايير محددة؛
الجزء الثالث من هذه المساعدات خصص لصندوق تديره شركة Cofides العامة ومُنحت بمقتضاه مبلغ 1000 مليون يورو لتعزيزالشركات المتوسطة الحجم التي لم تستفد من المساعدة المباشرة أو إعادة التفاوض على القروض؛
بالإضافة إلى ذلك،مددت الحكومة التوقف الاختياري للشركات للإعلان عن الإفلاس القسري إلى 31 دجنبر كما مددت في الآن نفسه المدة إلى ستة أشهر أخرى لتسديد الديون الضريبية المتأخرة دون فوائد عن هذا التأخير.
ملفات للقراءة :
هل سينجح بيدرو سانشيز في تجديد المجلس العام للسلطة القضائية ؟
المناورات العسكرية المغربية الأمريكية تقلق اليمين الإسباني
الحكومة الإسبانية تتوصل إلى اتفاق”تاريخي”في آخر لحظة مع نظيرتها البريطانية بخصوص جبل طارق