شهدت مؤخرا جزر الخالدات أو ما يطلق عليها الإسبان بجزر الكناري ــ شهدت ــ تدفقا كبيرا من أمواج الهجرة السرية القادمة من غرب إقريقيا جنوب الصحراء الكبرى يمثل المغاربة منهم حوالي 40 % بينما الباقون 60 % ينحدرون من دول جنوب الصحراء بعدد إجمالي يقدر ب : 17000 مهاجرا سريا حولوا ميناء هذه الجزيرة المعروف بميناء أرجوينغوين إلى تجمع سكاني ضخم جلبوا أنظار القنوات الإعلامية العالمية التي أتت هذا المشهد بصور الاكتظاظ والبؤس والنزوح الكبير مما أثار قلق قصر مونوكلوا بمدريد ودفع بالحكومة الإسبانية بقيادة بيدرو سانشيز إلى إرسال وزير الداخلية ووزيرين آخرين إلى المنطقة قصد التحرك وتقييم الوضع في ظل سباق هجوم ديبلوماسي للحكومة لمحاولة وقف وصول قوارب الهجرة السرية إلى هذه الجزيرة بالتعاون والتنسيق مع دول المنشإ والعبور,
- وزير الداخلية مارلاسكا يتفقد الجزيرة ويزور المغرب :
قبل زيارته إلى المغرب نظم مارلاسكا زيارة تفقدية سريعة إلى جزر الكناري في سباق مع المعارضة اليمينية قصد تفقد الوضع عن كثب وأصدر أوامره بالشروع في توزيع هؤلاء المهاجرين نحو الجزر الأخرى المجاورة في الفنادق المصنفة والمخيمات الصيفية والمساحات الشاسعة في هذه الجزر بعد استئجارها من الخواص إضافة إلى المنشآت العسكرية للتخفيف عن هذا الميناء ولتجنب صور الاكتظاظ السكاني الذي وسم وسائل الإعلام العالمية لأن الوباء يمنع الحكومة من ترحيلهم الأمر الذي أغضب عمدة حكومة جزر الكناري وجعلها تطالب حكومة مدريد المركزية بإجلاء هؤلاء المهاجرين من الفنادق التي استأجرتها لهم وبنقلهم إلى المنشآت الحكومية عبر التراب الإسباني لتجاوز التأثير على السياحة بهذه الجزر وعدم تحويلها إلى مخيم لامبيدوزا جديد بالتراب الإسباني،كما هددت في السياق نفسه بتغريم هذه الفنادق مبلغ 300 ألف يورو في حال استمرارها بالتأجير للحكومة المركزية. وفي السياق نفسه أصدر أوامره بعدم الدخول إلى هذا الميناء للآطلاع على أحوال المهاجرين الصعبة في سباق مع رئيس ˝الحزب الشعبي ˝ اليميني الذي برمج زيارة إلى هذه المنطقة لتأجيج الصراع ضد الحكومة خاصة بعد تحالفها مع أحزاب قومية باسكية لتمرير الميزانية .
إلى جانب ذلك قام مارلاسكا بزيارة رسمية إلى الرباط وهي الزيارة السابعة له قبل عامين منذ يونيو 2018 طالب فيها السلطات المغربية بتعزيز سيطرنها على ساحلها الأطلسي والموافقة على إعادة تنشيط عودة المهاجرين لوقف وصول قوارب الهجرة السرية إلى جزر الكناري قدرت مجموعها ب 555 قاربا خشبيا ( كايوكاس ) حملت على متنها 16700 مهاجرا سريا هذا العام وأعرب عن ˝ ارتياحه الكبير ˝ بتعاون الرباط في محاربة هذه الآفة لكنه بالمقابل أقر بأنه لم يتم حتى الآن التوصل إلى ˝ اتفاق ˝ في هذا الشأن. وحسب جريــــــــــــدة الباييس الصـــــــادرة في 21 /11 /2020 فإن مارلاسكا لم يكن مستعدا للكشف عما إذا كان وزير الداخلية المغربي وافق مرة أخرى قبول عودة المهاجرين غير الشرعيين ( 40 % من المغاربة ) ولا بأي جدول زمني محدد ولا بأية وتيرة أو أي إجراءات اتفق البلدان على اعتمادها في هذا الجانب.
- المعارضة اليمينية تتحرك :
من جانبه حمل كاسادو رئيس ˝الحزب الشعبي˝ اليميني المعارض في تصريح له بمدخل ميناء ارجوينغوين أمام وسائل الإعلام الإسبانية بعدما تم منعه من دخول الميناء والاطلاع على وضعية المهاجرين الموضوعين رهن سيطرة الأمن بأن بيدرو سانشيز هو المسؤول المباشر عن هذا الوضع بسبب تأثير مكالمته الهاتفية بخصوص استقبال سفينة˝ أكواريوس ˝ التي كانت تقل على متنها 629 شخصا تم إنقادهم في مياه البحر الأبيض المتوسط والتي وصلت إلى ميناء فاليننسا يونيو 2018 .وأكد أنه ˝ لا يمكنه تحويل جزر الكناري إلى لامبيدوزا أو جزيرة ليسبوس الإسبانية إذ لايمكنه استخدام الأرخبيل كسداد للهجرة بسبب عدم كفاءة حكومته ˝ وأوضح أن ˝أزمة الهجرة ˝ هي القشة الأخيرة للأرخبيل الذي تضرر بشدة من الوباء وفقدان السياح .وطالب بالعودة الفورية لهم إلى أوطانهم بدلا من توزيعهم في مختلف مجالات التراب الإسباني وذكر بأن الحزب الشعبي حينما كان يسير دواليب الدولة أتى بخمسة ملايين مهاجر لكن بعقود عمل وشدد على ضرورة الدفاع عن الحدود وإلا فإن الدولة لن تكون قادرة على البقاء وعبر عن استعداد حزبه لتسيير دواليب الدولة إذا لم يرتب بيدرو سانشيز حكومته في إشارة منه إلى الخلاف القائم داخل الحكومة بين موقف الحزب الاشتراكي وموقف حزب بوديموس الذي يدعو الحكومة إلى توزيع هؤلاء المهاجرين عبر التراب الإسباني.
وفي تطور مثير لقضية المهاجرين بجزر الكناري أوردت صحيفة لآرازون الإسبانية في عددها الأحد 27 /11 / 220 أن حزب فوكس اليميني المتطرف بزعامة أباسكال قدم اقتراحا – غير قانوني –إلى لجنة الخارجية بالكونغريس الإسباني يدعو من خلاله إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف الموجة الهائلة للهجرة على السواحل الإسبانية يتلخص – هذا المقترح – أساسا في تعليق إصدار أومنح تأشيرات الدخول إلى أوروبا لجميع مواطني الدول التي تنطلق منها الهجرة غبر النظامية علاوة على حث المؤسسات الأوروبية على فرض عقوبات اقتصادية عليها كما تم أيضا اقتراح إبلاغ المنظمات الدولية بالعدوان الذي تعرضت له إسبانيا من قبل دول شمال إفريقيا من خلال ضبط التهريب غير النظامي للأشخاص الموجهين إلى السواحل الإيبيرية استنادا إلى المادتين 33 و 24 من القانون رقم 2016 /36 المؤرخ في 24 شتنبر بشأن الأمن القومي حيث يتم نشر جميع الموارد البشرية والمادية الضرورية والكافية من أجل منع وحماية وتثبيط إرساء السفن بالمهاجرين غير الشرعيين في الأراضي الإسبانية .
غير بعبد عن هذا السياق وافقت المكمة الدستورية الإسبانية مؤخرا على إبعاد المهاجرين غير الشرعيين تلقائيا من التغرين المحتلين سبتة ومليلية في شمال المغرب معتبرة أن ذلك يتوافق مع قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وهو الأمر الذي اعترضته منظمات حقوق الإنسان بإسبانيا.ومن المعلوم أن المغرب ساهم بشكل كبير في انخفاض عدد المهاجرين غير الشرعيين عبر هذين الثغرين المحتلين إل 70 % مقارنة مع السنة الماضية 2019 .
- بيدرو سانشيز يبحث عن البدائل :
في بحثه عن الحلول لهذا النزوح الجارف عمل بيدرو سانشيزعبر الائتلاف الحكومي اليساري الحاكم على إعادة تفعيل عمليات الترحيل إلى بلدان المنشإ والعبور مع السماح بتوزيع أعداد قليلة من القاصرين والنساء وطالبي اللجوء في بعض المدن الإسبانية بشبه الجزيرة الإيبيرية كما حاول في السياق ذاته عقد لقاءات مع دول الجوار وعلى رأسها المغرب الذي كان من المقررعقد لقاء رفيع المستوى بين البلدين الجارين يوم 17 دجنبر المقبل إلا أن الظروف والإكراهات حالت دون ذلك وتم تأجيله إلى شهر فبراير المقبل بعد صدور بلاغ مشترك بين الحكومتين المغربية والإسبانية.ووصف بيدرو سانشيز في مؤتمر صحفي عقد في بروكسل، الجمعة 11/12/ 2020، بعد اجتماع رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي، العلاقات مع المغرب بـ “الممتازة” وأوضح أن التأجيل ليس مرتبطًا بمسألة “الصحراء الغربية”ولكن بجائحة فيروس كورونا كما أكد أن “العلاقات التي تقيمها الحكومة الإسبانية مع المغرب ممتازة” وأن هناك “مصلحة مشتركة” لعقد هذا الاجتماع مشيرا إلى أن موقف الحكومة الإسبانية “معروف”على أساس قرارات الأمم المتحدة واحترام الشرعية الدولية.
ملفات للقراءة :
شهداء الورش السري للنسيج بطنجة بعيون الصحافة الإسبانية
المناورات العسكرية المغربية الأمريكية تقلق اليمين الإسباني
هل سينجح بيدرو سانشيز في تجديد المجلس العام للسلطة القضائية ؟