بيدرو سانشيز يناقش تمويل الأقاليم والسياسات الضريبية في إسبانيا
أثار بيدرو سانشيز في مناقشته تمويل الأقاليم والجهات في صيغتها الجديدة والمقترحة توترات بين الحزب الاشتراكي الذي يترأس الحكومة والمعارضة اليمينية بزعامة الحزب الشعبي حول توزيع الموارد والخدمات العامة. وسعى كل من الحزبين إلى عقد اجتماعات حزبية مركزية نهاية الأسبوع الماضي بمدريد إلى بسط وجهتي نظرهما إلى قادة ورؤساء الأقاليم والجهات لكلا الحزبين الكبيرين بالجارة الشمالية .
بيدرو سانشيز: النقاش الحقيقي حول التمويل ليس بين الأقاليم ولكن بين النماذج:
سعى رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز في اجتماع اللجنة الفيديرالية المنعقدة يوم السبت الماضي إلى توصيل رسالة تهدئة في مواجهة الانتقادات الحادة من داخل حزبه الاشتراكي – وأيضا من طرف رؤساء الحكومات الجهوية والإقليمية – الذين أعربوا عن استيائهم من غياب التفسيرات بشأن اتفاق حزب العمال الاشتراكي الكتالوني (PSC) مع حزب اليسار الجمهوري الكاطالوني (ERC)، والذي مكن من خلاله، من تنصيب الزعيم الكاطالوني سلفادور إيا Salvador Illa رئيسًا للحكومة الجهوية لكاطالونيا. وقد احتفى سانشيز بوصول هذا الزعيم إلى قصر Generalitat ببرشلونة ووصف هذا الانتصار بكونه “إنجازا اشتراكيا” ودليلا على أنه، بعد سنوات من الأزمة، “تم إعادة بناء التعايش” في كاطالونيا. وأوضح قائلا في مداخلته المفتوحة في أعلى هيئة لحزب العمال الاشتراكي الإسباني بين المؤتمرات أن “النقاش الحقيقي – حول التمويل – ليس بين الأقاليم، ولكن بل بين النماذج. نحن دائمًا ندافع عن أن الصحة، والتعليم، والرعاية، والمعاشات هي حقوق لا يمكن المساومة عليها أبدًا” في مواجهة من “يعتبر الخدمات العامة سلعة أو حقوقًا أو بضائع “.
وأكد أن حكومته المركزية، منذ عام 2018، قامت بتحويل 935 مليار يورو إلى الأقاليم المستقلة. مع مساهمات استثنائية، مثل مساهمة حكومته ب 30 مليار يورو إضافية بسبب كوفيد أكثر مما حولته حكومة اليميني ماريانو راخوي رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق ، دون تضمين الأموال الأوروبية مضيفا أنه لم يحدث أبدًا في الحياة، خلال هذه الأربعين عامًا من الدولة المستقلة، أن حكومة إسبانيا خصصت مزيدًا من الموارد لتمويل الأقاليم المستقلة مثلما فعلت حكومته مشيرا أن “المشكلة – في إشارة الى ايزابيل أيوسو دياز رئيس حكومة مدريد المستقلة – هي أن البعض يطلب بيد بينما يقدم باليد الأخرى هدايا ضريبية للأغنياء حيث أن كل يورو من كل ثلاثة يوروهات تحولها حكومة إسبانيا إلى حكومة ايزابيل أيوسو دياز بمدريد تستخدم لهذا الغرض” وهو ما اعتبره نشازا يهدر موارد المال العام ويخدم الأثرياء على حساب الطبقة المتوسطة والعمال وباقي الشعب.
وعموما يمكن استخراج الخلاصات الأساسية لمداخلة بيدرو سانشيز في الخلاصات الآتية:
1. شدد بيدرو سانشيز على أن النقاش الحقيقي حول التمويل ليس بين الأقاليم، بل بين نماذج مختلفة للحكم. واعتبر حزبه – حزب العمال الاشتراكي الإسباني (PSOE) – مدافعًا عن دولة الرفاهية، مشيرًا إلى التناقض مع السياسات الضريبية للحزب الشعبي (PP) والتي اعتبرها تفضيلية للأثرياء من خلال تخفيضات ضريبية بينما لم يتطرق بشكل مباشر إلى الاتفاقيات الأخيرة مع حزب اليسار الجمهوري الكاطالوني ERC أو التوترات الداخلية داخل الحزب.
2. أكد سانشيز على دور حزب العمال الاشتراكي الإسباني (PSOE) باعتباره “طليعة التقدمية” ومدافعًا عن دولة الرفاهية، متناقضًا مع تخفيضات الضرائب التي يستفيد منها الأثرياء في الأقاليم التييسيرها الحزب الشعبي (PP). وشدد على أن الرعاية الصحية والتعليم والمعاشات والرعاية هي حقوق غير قابلة للتفاوض، في مواجهة أولئك الذين يرون في الخدمات العامة سلعًا قابلة للتداول.
3. وفي محاولة للتخفيف من المخاوف بشأن الاتفاق مع حزب اليسار الجمهوري الكاطالوني ERC، أعرب سانشيز عن استعداده للمزيد من نقل الصلاحيات للأقاليم، مما يسمح لها بجمع وإدارة المزيد من الاختصاصات. واعتبر أن ذلك سيكون متسقًا مع الهيكل الفيدرالي لإسبانيا، على غرار الأنظمة في ألمانيا وكندا. كما أكد سانشيز على الحاجة إلى نظام تمويل أكثر عدلاً يعزز المساواة الإقليمية والمسؤولية المالية من الحكومات الإقليمية، مع إعادة التأكيد على عزم حزب العمال الاشتراكي الإسباني على المضي قدمًا سواء بدعم المعارضة أو بدونه.
المعارضة اليمينية ترفض المشروع وتطالب بضرورة تخصيص تمويل فوري بقيمة 18.000 مليون يورو للحكومات الجهوية المستقلة:
وبخصوص المعارضة عقد الحزب الشعبي أيضا قمة لرؤساء الأقاليم في مدريد، حيث كان التمويل القضية الرئيسية في هذا الاجتماع. القمة كانت تبدو هادئة بسبب التوافق بين قادة الحزب الشعبي حول رفض التمويل الخاص لكاطالونيا، لكن الدعوة الفردية التي وجهها رئيس الحكومة سانشيز إلى رؤساء الأقاليم أثارت التوتر وظهرت خلافات داخلية:
ففي الوقت الذي دعت فيه إيزابيل دياز أيوسو، رئيسة حكومة مدريد، إلى رفض الاجتماع مع رئيس الحكومة بيدرو سانشيز، إلا بعد عقد مؤتمر لرؤساء الحكومات الجهوية والإقليمية ؛ أظهرت القيادة الوطنية لهذا الحزب اليميني مرونة أكبر، مما أدى إلى انقسام بين قادة الأقاليم. وبينما اتخذ بعضهم مواقف تتماشى مع أيوسو، اختار آخرون التفاوض مع الحكومة رغم انتقاداتهم المسبقة وتركت القيادة الوطنية للحزب الحرية لرؤساء الأقاليم لاتخاذ قراراتهم. وهو ما قبل به بعض القادة وأبدوا استعدادهم للقاء سانشيز، لكنهم أصروا على مناقشة القضايا الهامة المتعلقة بمناطقهم مع الحفاظ على نقدهم للسياسات الحكومية مما أظهر انقسامًا في الحزب حول كيفية التعامل مع دعوة سانشيز وإصلاح النظام المالي.
وتمحورت مداخلة **ألبرتو نونييث فيخو**، زعيم المعارضة الإسبانية، بضرورة تخصيص تمويل فوري بقيمة 18.000 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي للحكومات الجهوية (المستقلة) كجزء من خطة تمويل بديلة للحكومة الحالية. كما دعا إلى إنشاء صندوق انتقالي لمعالجة نقص التمويل وأكد رفضه للتفاوض الثنائي مع الكاطالانيين، مشددًا على أهمية التضامن والوحدة الوطنية لضمان المساواة بين جميع المواطنين الإسبان في الحصول على الخدمات العامة.
ووعد الحزب الشعبي، في ختام القمة، بتقديم مشروعً بديلً للتمويل الإقليمي يتماشى مع مبادئ “التضامن” و”المساواة” ويعارض منح أي امتيازات خاصة لأي إقليم.